الخميس، 16 مايو 2013

الموقف العدل من أتباع مرجئة العصر


الموقف العدل من أتباع مرجئة العصر

للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع

تفريغ و تعليق
أبي عبد الله يوسف

س : شيخنا ما موقفنا من الشباب الذين ينسبون عباد القبور ، و المتلبسين بالشرك الأكبر ، و تاركي أعمال الجوارح بالكلية للإسلام ، ينسبونهم للإسلام ؟ و هؤلاء الشباب يا شيخنا قد نصحناهم ، و بيّنا لهم كلام العلماء ، و أعطيناهم الكتب و الأشرطة في ذلك ، لكنهم لا يستجيبون ، و يصرون على عقيدتهم شيخنا . بل
زادوا و رمونا بالخارجية و الحدادية ( 1) و الله المستعان . و عندما نسألهم شيخنا عن حجتهم يقولون : هذا ما تعلمناه من شيوخنا كالشيخ ربيع المدخلي و غيره . فهل نستمر شيخنا في مجالستهم و نصحهم ؟ أم نفارقهم و نشتغل بغيرهم ؟ وفقكم الله .

الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و أصحابه أجمعين أما بعد ؛
فقد سئل الشيخ عبد العزيز ابن باز عن هؤلاء فقال : هؤلاء جهال ، هؤلاء ما عندهم علم .(2 )


و أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية بفتوى رقم 11043 ( 3) في آخرها أن هؤلاء وقعوا في الكفر ، و أن هؤلاء قولهم قول كفري . لكنهم لا يُكفّرون - هؤلاء الذين توقفوا في تكفير المشرك - لا يُكفّرون ، قالت : لأن عندهم شبهة .فهم قد وقعوا في الكفر لكن لا نعتقد كفرهم لأن عندهم شبهة .
ثالثا : ورد في فتوى مشتركة بين سماحة المفتي الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف مع أخيه إبراهيم بن عبد اللطيف و مع الشيخ سليمان بن سحمان ، أفتوا بفتوى فيمن توقف في تكفير عباد القبور و الجهمية ، قالوا : أنه لا يُصلى خلفه ( 4) ، إذا تبينا و أقيمت عليه الحجة فإنه يُخشى عليه أن يزيغ قلبه و العياذ بالله . فهؤلاء على خطر من الزيغ ، و أقل شيء أنكم تعتزلون هؤلاء و تبتعدون عنهم لأنهم مرضى ، و لأنكم أديتم ما عليكم من إقامة الحجة . و حذروا من هذا المنهج فإنه منهج خبيث منهج الجاحظ و داود بن جرجيس و المناوئين للدعوة الإصلاحية المباركة و لدعوة التوحيد . و الله أعلم .

-----------------------
الهوامش :

1 - لم يأت ربيعٌ و لا من قلده بأدنى بينة على أن السلفيين أخذوا عقيدتهم في مسألتي الإيمان و الكفر من محمود الحداد ، سيما و أن آثار الحداد لا تكاد تُرى في الساحة الدعوية .
و على فرض موافقتهم للحداد فإنهم لم يقرروا عقيدتهم بناء على كتبه و ما احتجوا به في شيء من كلامه ، و إنما حجتهم كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم و الإجماع المتقرر ، ثم استأنسوا بفتاوي و تقريرات أئمة العصر كالشيخ عبد العزيز بن باز و الشيخ عبد الله ابن حميد و الشيخ محمد بن إبراهيم و الشيخ الفوزان و أمثالهم .
فمن الظلم حينئذ نسبة السلفيين المتبعين للحجة و الأئمة إلى شخص مجهول لا يعلمون عنه شيئا .
أقول هذا تنزلا مع المخالف ، و إلا فالحقيقة أن الحداد على عقيدة المرجئة ، و قد وفق الله أخانا أبا عمر عيسى الحمادي للنظر في بعض كتب و أشرطة الحداد – بعد بذل الجهد الجهيد في الحصول عليها- فأثبت بالنقول الصريحة و الحجج الدامغة على أن الحداد يسير على خطى المرجئة في عذر عباد القبور و المتلبسين بالشرك الأكبر بالجهل شأنه في ذلك شأن ربيع المدخلي . فانظر – لزاما - مقال :" مذهب الحداد في العذر بالجهل وتخليطه في مسألة التحسين والتقبيح " لأخينا الحمادي .
و لا عجب في موافقة ربيع لعقيدة الحداد ، فربيع صديق الحداد لمدة من الزمان ، و أمضى بضع عشرة سنة مع الإخوان . و معلوم على الإخوان قلب الحقائق و التلبيس على الخلق ، فاللهم سلم سلم .

2 - لعل الشيخ يشير إلى فتوى الشيخ ابن باز الآتية : (السائل: يا شيخ جملة من المعاصرين ذكروا أن الكافر من قال الكفر أو عمل بالكفر فلا يكفر حتى تقام عليه الحجة ، ودرجوا عباد القبور في هذا ؟
الشيخ: هذا من جهلهم ،عباد القبور كفار ، واليهود كفار والنصارى كفار ولكن عند القتل يستتابون ، فإن تابوا وإلا قتلوا.) [أسئلة شرح كشف الشبهات]

3 - نص الفتوى : هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية؟
فتوى رقم (11043) :
س: عندنا تفشي ظاهرة عبادة القبور وفي نفس الوقت وجود من يدافع عن هؤلاء ويقول: إنهم مسلمون معذورون بجهلهم فلا مانع من أن يتزوجوا من فتياتنا وأن نصلي خلفهم وأن لهم كافة حقوق المسلم على المسلم ولا يكتفون، بل يسمون من يقول بكفر هؤلاء: إنه صاحب بدعة يعامل معاملة المبتدعين، بل ويدعوا أن سماحتكم تعذرون عباد القبور بجهلهم حيث أقررتم مذكرة لشخص يدعى الغباشي يعذر فيها عباد القبور، لذلك أرجو من سماحتكم إرسال بحث شاف كاف تبين فيه الأمور التي فيها العذر بالجهل من الأمور التي لا عذر فيها، كذلك بيان المراجع التي يمكن الرجوع إليها في ذلك، ولكم منا جزيل الشكر.
ج: يختلف الحكم على الإنسان بأنه يعذر بالجهل في المسائل الدينية أو لا يعذر باختلاف البلاغ وعدمه، وباختلاف المسألة نفسها وضوحا وخفاء وتفاوت مدارك الناس قوة وضعفا.
فمن استغاث بأصحاب القبور دفعا للضر أو كشفا للكرب بين له أن ذلك شرك، وأقيمت عليه الحجة؛ أداء لواجب البلاغ، فإن أصر بعد البيان فهو مشرك يعامل في الدنيا معاملة الكافرين واستحق العذاب الأليم في الآخرة إذا مات على ذلك، قال الله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (سورة النساء الآية 165) وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (سورة الإسراء الآية 15) وقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (سورة الأنعام الآية 19) وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار » رواه مسلم إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على وجوب البيان وإقامة الحجة قبل المؤاخذة، ومن عاش في بلاد يسمع فيها الدعوة إلى الإسلام وغيره ثم لا يؤمن ولا يطلب الحق من أهله فهو في حكم من بلغته الدعوة الإسلامية وأصر على الكفر، ويشهد لذلك عموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم، كما يشهد له ما قصه الله تعالى من نبأ قوم موسى إذ أضلهم السامري فعبدوا العجل وقد استخلف فيهم أخاه هارون عند ذهابه لمناجاة الله، فلما أنكر عليهم عبادة العجل قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، فاستجابوا لداعي الشرك، وأبوا أن يستجيبوا لداعي التوحيد، فلم يعذرهم الله في استجابتهم لدعوة الشرك والتلبيس عليهم فيها لوجود الدعوة للتوحيد إلى جانبها مع قرب العهد بدعوة موسى إلى التوحيد.
ويشهد لذلك أيضا ما قصه الله من نبأ نقاش الشيطان لأهل النار وتخليه عنهم وبراءته منهم، قال الله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (سورة إبراهيم الآية 22) فلم يعذروا بتصديقهم وعد الشيطان مع مزيد تلبيسه وتزيينه الشرك وإتباعهم لما سول لهم من الشرك لوقوعه إلى جانب وعد الله الحق بالثواب الجزيل لمن صدق وعده فاستجاب لتشريعه واتبع صراطه السوي.
ومن نظر في البلاد التي انتشر فيها الإسلام وجد من يعيش فيها يتجاذبه فريقان فريق يدعو إلى البدع على اختلاف أنواعها شركية وغير شركية، ويلبس على الناس ويزين لهم بدعته بما استطاع من أحاديث لا تصح وقصص عجيبة غريبة يوردها بأسلوب شيق جذاب، وفريق يدعو إلى الحق والهدى، ويقيم على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة، ويبين بطلان ما دعا إليه الفريق الآخر وما فيه من زيف، فكان في بلاغ هذا الفريق وبيانه الكفاية في إقامة الحجة وإن قل عددهم، فإن العبرة ببيان الحق بدليله لا بكثرة العدد فمن كان عاقلا وعاش في مثل هذه البلاد واستطاع أن يعرف الحق من أهله إذا جد في طلبه وسلم من الهوى والعصبية، ولم يغتر بغنى الأغنياء ولا بسيادة الزعماء ولا بوجاهة الوجهاء ولا اختل ميزان تفكيره، وألغى عقله، وكان من الذين قال الله فيهم: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ} {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ} {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}
أما من عاش في بلاد غير إسلامية ولم يسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن القرآن والإسلام فهذا - على تقدير وجوده - حكمه حكم أهل الفترة يجب على علماء المسلمين أن يبلغوه شريعة الإسلام أصولا وفروعا إقامة للحجة وإعذارا إليه، ويوم القيامة يعامل معاملة من لم يكلف في الدنيا لجنونه أو بلهه أو صغره وعدم تكليفه، وأما ما يخفى من أحكام الشريعة من جهة الدلالة أو لتقابل الأدلة وتجاذبها فلا يقال لمن خالف فيه: آمن وكفر ولكن يقال: أصاب وأخطأ، فيعذر فيه من أخطأ ويؤجر فيه من أصاب الحق باجتهاده أجرين، وهذا النوع مما يتفاوت فيه الناس باختلاف مداركهم ومعرفتهم باللغة العربية وترجمتها وسعة اطلاعهم على نصوص الشريعة كتابا وسنة ومعرفة صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها ونحو ذلك.
وبذا يعلم أنه لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة؛ لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة وهي اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم ولا في كفر من لم يكفرهم، والله ولي التوفيق، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذنا وإياهم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب لرئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- بيان للفتوى من الشيخ ابن باز رحمه الله

سئل رحمه الله السؤال الآتي : يقول في رسالته : في فتاواكم المؤرخة بتاريخ (20\5\1408) والمرقمة برقم (11043) ، وهي:
(ولذا يُعلَم أنه لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة ، لأن توقفهم عن تكفيرهم لهم له شبهة ، وهي: اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود).
فقد فَهِمَ بعضنا أنَّ الحجة تقام على الإخوة الموحدين لوقوعهم في شبهة عدم تكفير عبَّاد القبور ظنًّا منهم أن عبَّاد القبور تقام عليهم الحجة قبل تكفيرهم.
وفهم البعض الآخر أن معنى حتى تقام الحجة عليهم أي: متى تقام الحجة على القبوريين وليس معناه إقامة الحجة على طائفة الموحدين الذين يعذرون عباد القبور.
فالرجاء يا سماحة الشيخ عبد العزيز وأستحلفك بالله الذين لا إله غيره أن توضح لنا هذا الأمر: هل الذي تقام عليه الحجة هم عبَّاد القبور أم الموحدين الذين يعذرون عباد القبور ؟ وجزاكم الله خيرًا .
جواب الشيخ ابن باز : المقصود هو أنَّ الذين توقفوا في تكفير عبَّاد القبور لا يكفرون حتى تقام الحجة على أولئك الذين استمروا في عبادة الأموات والاستغاثة بالأموات لأنَّ هؤلاء الذين توقفوا في كفرهم لهم هذه الشبهة .
فالمقصود أن الموحد المؤمن الذي توقف عن تكفير بعض عباد القبور لا يقال: إنه كافر لأنه لم يكفر الكافر ، ولكن يُتوقَّف في تكفيره حتى يُبَيَّنَ له وتزول الشبهة أنَّ: هؤلاء الذين يعبدون القبور ويستغيثون بالأموات كفار ، لأنَّ الذين عبدوا القبور من أهل الجاهلية في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبله كانوا كفارًا ، إلا من كان من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الحجة فهؤلاء أمرهم إلى الله سبحانه وتعالى.
أما الذين بلغتهم الحجة فهم كفَّار وإن كانوا في نفس الأمر لم يفهموا ولم يتبينوا أن ما هم عليه كفر.
فإذا كان الموحد الذي عرف الدين وعرف الحق توقف عن تكفير بعض هؤلاء الذين يعبدون القبور فإنه لا يُكفَّر حتى تبين له الحجة وتزول الشبهة التي من أجلها توقف.
والمقصود أنه لا يُكفَّر الموحد الذي توقف عن تكفير عباد الأوثان حتى تقوم عليه الحجة ، حتى يبين له أسباب كفرهم ، وحتى تتضح له أسباب كفرهم.
هذا المقصود ، لأنه قد يتوقف يحسب أنهم ليسوا كفارًا.
فإذا بُيِّنَ له ذلك واتَّضح له ذلك صار مثل من لم يكفر اليهود والنصارى ، فمن قال: إنَّ اليهود والنصارى ليسوا كفارًا وهو ممن يعرف الأدلة الشرعية من أهل العلم يُبيَّن له حتى يعرف أنهم كفار.
وإذا شك في كفرهم كَفَر ، لأنَّ من شك في كفر الكافر الواضح كفره كفر ، واليهود والنصارى من الكفار الذين قد عُلِمَ كفرهم وضلالهم وعرفه الناس عاميهم وغير عاميهم. وهكذا الشيوعيون الذين يجحدون وجود الله وينكرون وجود الله ، كفرهم أكثر وأبين من كفر اليهود والنصارى.
والقاعدة الكلية في هذا: أنَّ الذي توقف في كفر بعض الناس لا يُستَعجَل في كُفْرِه حتى يوضَّح له الأمر وحتى تزال عنه الشبهة التي من أجلها توقف عن تكفير الكافرين ، والله المستعان . اهـ

4 - يشير الشيخ رحمه الله إلى الفتوى الآتية – و هي ضمن مجموع إجماع أهل السنة النبوية على تكفير المعطلة و الجهمية ، جمع عبد العزيز آل حمد من ص162 إلى 165- :
بسم الله الرحمن الرحيم
قال : ما قول علماء المسلمين ، و أئمة الموحدين في إمامة رجل يقول في الجهمية و القبورية المنكرين لتوحيد الذات و الصفات ، و توحيد العبادة ، كأكثر أهل دبي و أبي ظبي و نحوهما قولان ، و أنهما لم تبلغهما الحجة ، و لما سأل كيف تشبهنا بهم ؟ قال : هم مسلمون ..إلخ سنة 1325 هـ .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الجواب : لا تصح إمامة من لا يكفر الجهمية و القبوريين ، أو يشك في تكفيرهم ، و هذه المسألة من أوضح الواضحات عند طلبة العلم و أهل الأثر ، و ذلك أن الإمام أحمد رحمه الله و أمثاله من أهل العلم و الحديث لم يختلفوا في تكفير الجهمية ، و أنهم ضلال زنادقة ، وقد ذكر من صنف في السنة تكفيرهم عن عامة أهل العلم و الأثر ، و عد اللالكائي الإمام رحمه الله منهم عددا يتعذر ذكرهم في هذه الفتوى ، و كذلك ابن الإمام عبد الله بن أحمد في كتاب السنة ، و الخلال في كتاب السنة ، و إمام الأئمة ابن خزيمة قرر كفرهم و نقله عن أساطين الأئمة ، وقد حكى كفرهم شمس الدين ابن القيم في كافيته عن خمسمئة من أئمة المسلمين و علمائهم .
و قد يفرق بين من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها و بين من لا شعور له بذلك ، و هذا القول يميل إليه شيخ الإسلام في المسائل التي قد يخفى دليلها على بعض الناس ، وعلى هذا القول فالجهمية في هذه الأزمنة قد بلغتهم الحجة ، و ظهر الدليل ، وعرفوا ما عليه أهل السنة و الجماعة ، واشتهرت التفاسير و الأحاديث النبوية ، و ظهرت ظهورا ليس بعده إلا المكابرة و العناد ، و هذه هي حقيقة الكفر و الإلحاد ، كيف لا ! و قولهم يقتضي من تعطيل الذات و الصفات ، و الكفر بما اتفقت عليه الرسالة و النبوات ، و شهدت به الفطر السليمات ، ما لا يبقى معه حقيقة للربوبية و الإلهية و لا وجود للذات المقدسة المتصفة بجميل الصفات ، و هم إنما يعبدون عدما لا حقيقة لوجوده ، و يعتمدون على الخيالات و الشبه ما يعلم فساده بضرورة العقل ، و بالضرورة من دين الإسلام عند من عرفه ، و عرف ما جاءت به الرسل صلوات الله و سلامه عليهم و أجمعين .
و لبشر المريسي و أمثاله من الشبه و الكلام في نفي الصفات ما هو من جنس هذا المذكور عند الجهمية المتأخرين ، بل كلامه أخف إلحادا من بعض قول هؤلاء الضلال ، و مع ذلك فأهل العلم متفقون على تكفيره .
و كذلك القبوريون لا يشك في كفرهم من شم رائحة الإيمان ، و قد ذكر شيخ الإسلام و تلميذه ابن القيم رحمهما الله في غير موضع أن نفي التكفير بالمكفرات قوليها و فعليها فيما يخفى دليله و لم تقم الحجة على فاعله ، و أن نفي التكفير مخصوص بمسائل النزاع بين الأمة ، و أما دعاء الصالحين ، و الاستغاثة بهم ، وقصدهم في الملمات و الشدائد ، فهذا لا ينازع مسلم في تحريمه ، و الحكم بأنه من الشرك الأكبر ، فليس في تكفيرهم و تكفير الجهمية قولان .
و أما الأباضية في هذه الأزمان : فليسوا على طريقة الماضين من أسلافهم ، و الذي يبلغنا أنهم على دين عباد القبور ، و انتحلوا أمورا كفرية لا يتسع ذكرها هنا ، و من كان بهذه المثابة فلا شك في كفره ، فلا يقول بإسلامهم إلا إنسان مصاب في عقله و دينه .
و أما قول السائل : ( و هل تصح جمعة ثانية لأهل قرية منذ كانوا و هم يصلون بجامع واحد ، و إمامهم حسن العقيدة و السيرة ما فيه مقال ، و الجامع كبير يأخذ أكثر مما في البلد ، و لكن طلب الإمام الجديد – حسين – من الإمام القديم – إبراهيم – أن يكف عن ذم القبورية و الجهمية فلم يطعه ، و قام الإمام الجديد و اعتزل بنصف أهل البلد بجامع آخر ) .
الجواب : أنه لا يصح إقامة جمعة ثانية ، في قرية يشماها اسم واحد ، من غير ضرورة داعية إلى ذلك ، و الإمام الذي يكفر الجهمية و القبورية و الإباضية هو الذي تصح الصلاة خلفه ، و لا تصح خلف من لا يرى كفر هؤلاء الملاحدة ، أو يشك في كفرهم ، واعتزال الإمام الجديد بنصف الجماعة ؛ لكون الإمام القديم يذم القبورية و الجهمية عذر باطل لا يبيح إقامة جمعة ثانية ، فلا تصح جمعته معهم و لا تنعقد و الحالة هذه ، و صلى الله على محمد و آله و سلم .
عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن
إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن
سليمان بن سحمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق