الشيخ عبد العزيز الراجحي
السؤال :
ما
حكم من ترك جميع العمل الظاهر بالكلية وهو يقر بالشهادتين ويقر بالفرائض
ولكنه لا يعمل شيئا ألبته فهل هذا مسلم أم لا ؟ علما بأنه ليس له عذر شرعي
يمنعه من القيام بتلك الفرائض ؟
الجواب :
هذا
لا يكون مؤمنًا ، فالذي يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يقر بلسانه ولا يعمل ؛
لا يتحقق إيمانه ؛ لأن هذا إيمان كإيمان إبليس وكإيمان فرعون ؛ لأن إبليس
أيضا مصدِّق بقلبه ، قال الله تعالى { قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى
يَوْمِ يُبْعَثُونَ } وفرعون وآل فرعون قال الله تعالى عنهم : { وَجَحَدُوا
بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } فهذا الإيمان
والتصديق الذي في القلب لا بد له من عمل يتحقق به فلا بد أن يتحقق بالنطق
باللسان ولا بد أن يتحقق بالعمل ؛ فلا بد من تصديق وانقياد ، وإذا انقاد
قلبه بالإيمان فلا بد أن تعمل الجوارح ، أما أن يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا
ينطق بلسانه ولا يعمل بجوارحه وهو قادر فأين الإيمان ؟!! فلو كان التصديق
تصديقا تاما وعنده إخلاص لأتى بالعمل ، فلا بد من عمل يتحقق به هذا التصديق
وهذا الإيمان ؛ والنصوص جاءت بهذا .
كما
أن الذي يعمل بجوارحه ويصلي ويصوم ويحج لا بد لأعماله هذه من إيمان في
الباطن وتصديق يصححها وإلا صارت كإسلام المنافقين ؛ فإن المنافقين يعملون ؛
يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم ويجاهدون ومع ذلك لم يكونوا مؤمنين ؛
لأنه ليس عندهم إيمان وتصديق يصحح هذا العمل ، فلا بد من أمرين لصحة
الإيمان :
- تصديق في الباطن يتحقق بالعمل .
- وعمل في الظاهر يصح بالتصديق .
أما تصديق في الباطن دون عمل فأين الدليل عليه ؟ أين الذي يصححه ؟ أين الانقياد ؟.
لا
يمكن أن يكون هناك تصديق صحيح لا يصلي صاحبه ولا ينطق بالشهادتين وهو يعلم
ما أعد الله لمن نطق بالشهادتين ولمن تكلّم بكلمة التوحيد من الثواب ،
ولما أعدّ الله للمصلين من الثواب ولمن ترك الصلاة من العقاب ، فلو كان
عنده تصديق صحيح وإيمان صحيح لبعثه على العمل ، فلو كان عنده تصديق صحيح
وإيمان صحيح لأحرق الشبهات والشهوات ؛ فترك الصلاة إنما يكون عن شبهة
والمعاصي إنما تكون عن شهوة والإيمان الصادق يحرق هذه الشهوات والشبهات .
وهذا
يدل على أن قلبه خالٍ من الإيمان الصحيح وإنما هو لفظ باللسان نطق به ولم
يتجاوزه ، وإلا لو كان عنده تصديق بقلبه أو إقرار بقلبه فقط ولم يتلفظ ؛
فقول القلب لم يتجاوز إلى أعمال القلوب وإلى الانقياد فالمقصود أن الذي
يزعم أنه مصدِّق بقلبه ولا يعمل بجوارحه هذا هو مذهب الجهمية .
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : يعسر التفريق بين المعرف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق