الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

أقوال العلماء واستخدامهم لمصطلح (جنس العمل):

أقوال العلماء واستخدامهم لمصطلح (جنس العمل):
=========================
(1) شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب, وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع,سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان, أو جزء من الإيمان كما تقدم بيانه)( ).
(فإن الإسلام من جنس الدين والعمل والطاعة والانقياد والخضوع فمن ابتغى غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)( )


وقال أيضاً: (فَكَذَلِكَ مِنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بَلْ وَلَا أَكْثَرُهُمْ فَهَؤُلَاءِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَحَقَّقُوا بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ الَّتِي فَضَّلَ اللَّهُ بِهَا غَيْرَهُمْ وَلَا تَرَكُوا وَاجِبًا عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى غَيْرِهِمْ وَلِهَذَا كَانَ مِنْ الْإِيمَانِ مَا هُوَ مِنْ الْمَوَاهِبِ وَالْفَضْلُ مِنْ اللَّهِ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْعِلْمِ، وَالْإِسْلَامُ الظَّاهِرُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ)( ).
(2) الحافظ ابن رجب رحمه الله:
(والتحقيق في الفرق بينهما: (الإيمان والإسلام): أن الإيمان هو تصديق القلب، وإقراره ومعرفته، والإسلام: هو استسلام العبد لله، وخضوعه، وانقياده له، وذلك يكون بالعمل، وهو الدين، كما سمى الله تعالى في كتابه الإسلام دينا، وفي حديث جبريل سمى النبي الإسلام والإيمان والإحسان دينا، وهذا أيضا مما يدل على أن أحد الاسمين إذا أفرد دخل فيه الآخر وإنما يفرق بينهما حيث قرن أحد الاسمين بالآخر. فيكون حينئذ المراد بالإيمان: جنس تصديق القلب، وبالإسلام جنس العمل)( ).
(3) الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
(وقوله ثم استدل – أي الشيخ محمد بن عبد الوهاب - بقول النبي الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) - فجعل النبي في هذا الحديث كأنه لما سئل عن الإسلام ذكر أركان الإسلام الخمسة لأنها أصل الإسلام ولما سئل عن الإيمان أجاب بقوله أن تؤمن بالله إلى آخره، فيكون: المراد حينئذ بالإيمان جنس تصديق القلب، وبالإسلام جنس العمل، والقرآن والسنة مملوءان بإطلاق الإيمان على الأعمال كما هما مملوءان بإطلاق الإ

سلام على الإيمان الباطن مع ظهور دلالتهما أيضاً...)( ).
(4) الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله-:
1) قال الشيخ عبد العزيز بن فيصل الراجحي في جريدة الجزيرة:
ــ وقد سألت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله عام (1415هـ) ـ وكنا في أحد دروسه رحمه الله ـ عن الأعمال: أهـي شـرط صحـة للإيمان، أم شرط كمال ؟
ــ فقال رحمه الله: من الأعمال شرط صحة للإيمان لا يصح الإيمان إلا بها كالصلاة، فمن تركها فقد كفر. ومنها ما هو شرط كمال يصـح الإيمـان بدونها، مع عصيان تاركها وإثمه.
ــ فقلت له رحمه الله: من لم يكفر تارك الصلاة من السلف، أيكون العمل عنده شرط كمال ؟ أم شرط صحة؟.
ــ فقال: لا، بل العمل عند الجميع شرط صحة، إلا أنهم اختلفوا فيما يصح الإيمان به منه؛ فقالت جماعة: إنه الصـلاة، وعليـه إجماع الصحابـة رضـي الله عنهم، كما حكاه عبد الله بن شقيق، وقال آخرون بغيرها. إلا أن جنس العمل لابد منه لصحة الإيمان عند السلف جميعاً. لهذا الإيمان عندهم قول وعمل واعتقاد، لا يصح إلا بها مجتمعة)( ).اهـ.
2) في عــام (1420هـ) صدر كتاب "التوسط والاقتصاد في أن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد , وكان الشيخ ابن باز قـد كـتب رحمـه الله بعـد قـراءة الكتـاب [ المقدمـة:ج ]: (وقد قرأتها فألفيتها رسالة قيمة مفيدة يحسن طبعها ونشرها ليستفيد منها المسلمون بعد حذف بعض ما نقلتم عن صاحب الفروع ابتداء من قوله: وقــال في الترغيب إلى آخره، وحذف ما نقلتم عن الدسوقي كله لما فيه من اللبس).
- وأورد المؤلف قول الحافظ ابن حجر (ص71) عن الأعمال: (والسلف جعلوها شرطاً في كماله) أي في الإيمان.
- فعلق عليه المؤلف في الحاشية بقوله: "وكلامه هذا عليه مآخذ أهمها: نسبته القول بأن الأعمال شرط كمال الإيمان للسلف، وهو على إطلاقه غير صحيح، بل في ذلك تفصيل: فالأعمال المكفّرة سواء كانت تركاً ـ كترك جنس العمل أو الشهادتين أو الصلاة ــ أو كانت فعلاً ـ كالسجود لصنم أو الذبح لغير الله ـ: فهي شرط في صحة الإيمان، وما كان ذنباً دون الكفر فشرط كمال)).
فالشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- أوصى بطباعة الكتاب ولم ينكر هذه اللفظة في الكتاب.
(5) الشيخ عبد العزيز آل الشيخ المفتي العام( ):
(السائل:هل القائل أن تارك جنس العمل ناقص الإيمان هل بقوله هذا يوافق المرجئة ؟
سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ: نعم، نعم ؛ العمل جزء من الإيمان، العمل الصالح جزء من الإيمان لا إيمان إلا بعمل)( ).
(6) الشيخ صالح بن فوزان الفوزان:
(سؤال وجه لفضيلته: يقول فضيلة الشيخ وفقكم الله هناك من يقول إن تارك جنس العمل بالكليه لا يكفر وان هذا القول قولٌ ثاني للسلف لا يستحق الانكار ولا التبديع فما صحة هذه المقولة؟( ).
الشيخ: هذا كذاب إلي يقول هذا الكلام كذاب، كذب على السلف، السلف ما قالوا إن الذي يترك جنس العمل ولا يعمل شيء انه يكون مؤمن. من ترك العمل نهائيا من غير عذر ما يصلي ولا يصوم ولا يعمل أي شيء ويقول أنا مؤمن هذا كذاب أما إلي يترك العمل لعذر شرعي ما تمكن من العمل نطق بالشهادتين بصدق ومات أو قتل في الحال فهذا ما في شك انه مؤمن لأنه ما تمكن من العمل ما تركه رغبتا عنه أما الذي يتمكن من العمل ويتركه لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي ولا يتجنب المحرمات ولا يتجنب الفواحش هذا ليس بمؤمن ولا احد يقول انه مؤمن إلا المرجئه)( ).
(7) أقوال الشيخ صالح آل شيخ حفظه الله:
قال الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله-في [شرحه لكتاب (لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد)، والتي ألقاها في مسجد حمزة بن عبد المطلب بالدمام ابتداء من فجر الثلاثاء 28من شهر الله المحرم 1413هـ حتى فجر الخميس غرة شهر صفر 1413هـ وقد كانت هذه الدروس بإشرافٍ من مركز الدعوة والإرشاد بالدمام ].
(كذلك ينبغي أن يُعلم أن قولنا (العمل داخل في مسمَّى الإيمان وركن فيه لا يقوم الإيمان إلا به)، نعني به جنس العمل، وليس أفراد العمل( )، لأن المؤمن قد يترك أعمالا كثيرة صالحة مفروضة عليه ويبقى مؤمنا، لكنه لا يُسمّى مؤمنا ولا يصحّ منه إيمان إذا ترك كل العمل، يعني إذا أتى بالشهادتين وقال أقول ذلك واعتقده بقلبي، وأترك كل الأعمال بعد ذلك أكون مؤمنا، فالجواب أن هذا ليس بمؤمن؛ لأنّه تركٌ مسقطٌ لأصل الإيمان؛ يعني ترك جنس العمل مسقط لأصل الإيمان؛ فلا يوجد مؤمن عند أهل السنة والجماعة يصحّ إيمانه إلا ولا بد أن يكون معه مع الشهادتين جنس العمل الصالح، يعني جنس الامتثال للأوامر والاجتناب للنواهي.كذلك الإيمان مرتبة من مراتب الدين، والإسلام مرتبة من مراتب الدين، والإسلام فُسِّر بالأعمال الظاهرة، كما جاء في المسند أن النبي قال «الإيمان في القلب والإسلام علانية» يعني أن الإيمان ترجع إليه العقائد -أعمال القلوب-، وأمّا الإسلام فهو ما ظهر من أعمال الجوارح، فليُعلم أنّه لا يصح إسلام عبد إلا ببعض إيمان يصحّح إسلامه، كما أنَّه لا يصح إيمانه إلا ببعض إسلام يصحح إيمانه، فلا يُتصور مسلم ليس بمؤمن البتة، ولا مؤمن ليس بمسلم البتة.
وقول أهل السنة (إنّ كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنا) لا يعنون به أن المسلم لا يكون معه شيء من الإيمان أصلا، بل لابد أن يكون معه مطلق الإيمان الذي به يصح إسلامه، كما أن المؤمن لابد أن يكون معه مطلق الإسلام الذي به يصح إيمانه، ونعني بمطلق الإسلام جنس العمل، فبهذا يتفق ما ذكروه في تعريف الإيمان وما أصَّلوه من أن كل مؤمن مسلم دون العكس.
فإذن هاهنا كما يقول أهل العلم عند أهل السنة والجماعة خمس نونات:
النون الأولى: أن الإيمان قول اللسان، هذه النون الأولى يعني اللسان.
الثانية: أنه اعتقاد الجنان.
الثالثة: أنه عمل بالأركان.
النون الرابعة: أنه يزيد بطاعة الرحمن.
الخامسة: أنه ينقص بطاعة الشيطان وبمعصية الرحمن).
وقال أيضاً: جوابا عن سؤال وجه إليه في [لقاء مفتوح بتاريخ 19/11/1411 ]
س/ ما رأيكم فيمن يقول إن الأعمال شرط في كمال الإيمان الواجب؟
ج/ الإيمان فيما دلّ عليه الكتاب والسنة وقول الصحابة وإجماع أئمة أهل السنة أنه قول وعمل، قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، والقول ركن، والاعتقاد ركن، والعمل ركن، والعمل ليس شرط كمال، وإنما هو ركن، والمقصود جنس العمل.
يدلك على أن العمل ركن قول النبي في حديث وفد عبد قيس «آمركم بالإيمان بالله وحده» قالوا: وما الإيمان بالله وحده؟ لاحظ هو أمر بالإيمان بالله وحده ثم سألوا من( ) الإيمان بالله وحده قال «أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وأن تؤدوا الخمس من المغنم» وجه الدلالة أنها هذه الأشياء الاعتقاد شهادة أن لا إله وأن محمدا رسول الله هذا قول واعتقاد، إقام الصلاة إيتاء الزكاة أداء الخمس من المغنم عمل في أعمالٍ بدنية وأعمال مالية وما يجمع بينهما هو أداء الخمس من المغنم.
فإذن جنس العمل دخل في هذا الحديث جوابا عن سؤالهم ما الإيمان بالله وحده؟ لماذا عددناه ركنا؟ لماذا عده أهل السنة والجماعة ركنا؟ لأن الجواب عن السؤال في مثل هذا السياق يقتضي أن تكون مفردات الجواب أركانا، بدليل الإجماع من الأمة، حتى المرجئة على أن قول جبريل عليه السلام للنبي : أخبرني عن الإيمان؟ قال «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره» بالإجماع أن هذه الستة أركان كيف فهموا أنها أركان؟
بالإجماع قالوا بالاتفاق أنها جاءت جواب سؤال يقتضي أن يكون الجواب فيه بيان الماهية، وبيان الماهية في الحقيقة ركن.
فإذن العمل ركن، دلّ عليه حديث ابن عبد قيس، وتفهم كونه ركناً من حديث جبريل حيث عددنا هناك أركان الإيمان الستة وهي جواب سؤال، فكذلك هناك نعد العمل ركنا لأنه كان جواب سؤال والله أعلم.
وقال أيضاً: في [شرحه لأصول الإيمان جواباً عن سؤال وجه لفضيلته فيمن لا يكفر تارك الصلاة هل يكون الأعمال عنده شرط كمال؟. (بدأ الشرح بتاريخ 10/7/1417هـ وانتهى في يوم 29/12/1419 هـ)]
... يعني العمل الآن الذي يشترط للإيمان هو جنس العمل واضح؟ هو جنس العمل بالاتفاق أو الصلاة عند من قال بكفر تاركها، إذا عمل عملا تقرب به إلى الله جل وعلا خلاص عندهم صح إيمانه، عمل أي عمل، واحد عند من لا يقول بكفر تارك الصلاة يقولون هذا لا صلى ولا صام ولا زكى ولا حج ولكنه برّ والديه تقربا إلى الله يقولون هذا عمل صار إيمانه تبعه عمل الذي هو عمل بدني تقرب به إلى الله.
والذين يقولون بتكفير تارك الصلاة يقولون لا لازم الصلاة واضح؟ هذه أقل الأعمال يعني هو لو أتى بعمل غيرها ما يصح إيمانه، أيضا هناك من يقول لابد من الأركان الخمسة هذا قول لبعض أئمة الحديث أنه هي الأركان يعني أن من ما صلى ولا زكى ولا صام ولا حج، كيف يصير مسلما.
لكن الجميع متفقون على أن العمل ركن، فكيف يوجه هذا الحديث؟ يقول زائد على قدر الإيمان، الإيمان الذي هم كل على حسب ما وجه له.
وفقكم الله، سبحانك اللهم وبحمدك.
وقال أيضاً: جواباً عن سؤال وجه إليه في [محاضرة خاصة عن الإيمان]
س1/ ما هي الضوابط في مسألة التكفير؟
ج/ التكفير معناه الحكم بالكفر على معين أو طائفة، فهناك كفر وهناك تكفير، هذه ثنائية الكفر والتكفير، وكذلك البدعة والتبديع، وكذلك الفسق والتفسيق إلى آخره.
فالكفر ينبني عليه التكفير، فلا تكفير إلا بكفر، ونعني بالكفر هنا الكفر الأكبر المخرج من الملة؛ إذ الكفر الأصغر غير المخرج من الملة هذا لا يقال فيه تكفير أصحابه، وإنما يقال تكفير أو التّكفير فيمن كفر كفرا مخرجا من الملة، وأصل التكفير، هو سلب الإيمان عن من قام به.
والإيمان له تعريف في الشرع عند أهل السنة والجماعة، وهذا الإيمان عند أهل السنة والجماعة: قول وعمل واعتقاد. فمن دخل في الإيمان وصح عليه اسم الإيمان فإنّ معنى تكفيره أن يُسلب عنه أصل الإيمان يعني يكون كافرا بعد أن كان مؤمنا.
وإذا كان الإيمان عند أهل السنة والجماعة بالقول والعمل والاعتقاد كأركان ثلاثة وليست لوازم، فإن من انتفى في حقه الاعتقاد فهو كافر؛ لأنه ذهب ركن الإيمان إلا على هذه جميعا، ومن انتفى في حقه القول فهو كافر، ومن انتفى في حقه جنس العمل فهو كافر، وهذا معنى أهل السنة والجماعة الإيمان قول وعمل واعتقاد.
فإذن التكفير عند أهل السنة والجماعة يكون بالاعتقاد، ويكون بالأعمال، ويكون بالأقوال؛ لأنه مقابل له، وكل هذه تنقسم إلى قسمين، منافاة الأصل أو ارتكاب شيء ينافي الأصل.
فمثلا القول من امتنع عن كلمة التوحيد قولا فإنه لا يصير مؤمنا، ومن امتنع عن العمل فإنه لا يصير مؤمنا؛ يعني قال أنا ممتنع غير ملتزم بعمل من الأعمال الواجبة أو بترك المحرمات فإنه ليس بمؤمن، كذلك من قال: لا أعتقد شيئا مما يجب اعتقاده في الإيمان فإنه يُسلب عنه أصل الإيمان. هذا من جهة تأصيلات الإيمان.
...إلى أن قال...المقصود من هذا تحرير أصل المسألة؛ وهو أن الكفر عند أهل السنة والجماعة يكون:
بالاعتقاد: إما بخلو القلب مما اعتقده من الإيمان، أو باعتقاد بشيء يناقضه يناقض أصل الإيمان.
عمل بخلوه من العمل أصلا لم يعمل خيرا قط، فاته جنس العمل، لم يعمل وإنما اكتفى بالشهادة قولا واعتقادا ولم يعمل جنس العمل، فهذا يسلب عنه أو عمِل عملا مضاد لأصل الإيمان.
وكذلك القول: قال، أو ترك القول.
هذه مسألة لاشك أنها مهمة، والأئمة كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم أوضحوا ذلك وبينوه وفي كلام أئمة الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وتلامذته وأبناءه في ذلك ما يشفي، لأنهم عاشروا المسألة وعاصروها مدة طويلة من الزمان أكثر من سنة فحرروها تحريرا بالغا. والله أعلم.
وقال أيضاً: في [شرحه للعقيدة الطحاوية التي انتهت بتاريخ 1 محرم 1420هـ].
س2/ هل تارك العمل بالكلية مسلم؛ تارك الأركان وتارك غيرها من الواجبات والمستحبات والأعمال الظاهرة بالجوارح ؟
ج/ الجواب: أن العمل عند أهل السنة والجماعة داخل في مسمى الإيمان؛ يعني أن الإيمان يقع على أشياء مجتمعة وهي الاعتقاد والقول والعمل، ولذلك من ترك جنس العمل فهو كافر؛ لأنه لا يصحّ إسلام ولا إيمان إلا بالإتيان بالعمل.
س3/ هل يُتصور وجود مطلق الانقياد في القلب ولا يظهر له أثر على الجوارح؟
ج/ والجواب: أن هذا فرع المسألة التي قبلها، فإن الانقياد في أصله عقيدة واجب وهو من عمل القلب، ولا يصح الإيمان حتى يكون الانقياد ظاهرا على الجوارح؛ يعني حتى يعمل.
وقال أيضاً: في شرحه لـ [فضل الإسلام]
وفي حديث وفد عبد القيس في الصحيح أن النبي (أمرهم بالإيمان فقال «آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتؤدوا الخمس من المغنم» والتأدية؛ تأدية الخمس هذا عمل؛ فدل على أن العمل يدخل أيضا في حقيقة الإيمان، ووقع السؤال عنه بـ(ما) التي تدل على الركنية، وهذه المسائل لها بسط في مواضعه.
والمقصود هنا من ذكر الأركان الخمسة أو الأركان الستة وعدم ذكر العمل معها لا يدل على أن جنس العمل ليس ركنا في الإيمان؛ لأنه جاء مبينا في أحاديث أخر، والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل, وأن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان، وأيضا عمل بالقلب، فهو قول واعتقاد، وهو أيضا عمل بالقلب وعمل بالجوارح:
أما القول: فظاهر وهو الشهادتان والاستسلام.
وأما الاعتقاد: فهو اعتقاد وحدانية الله جل وعلا وتتميم الأركان الستة المعروفة.
وأما العمل: العمل قسمان:
عمل الجوارح.
وعمل القلب.
وكلاهما ركن في الإيمان، فلا بد في تحقيق مسمَّى الإيمان أن يأتي بجنس عمل القلب، وأن يأتي بجنس عمل الجوارح، هذا قول أهل السنة والجماعة, أهل الحديث أتباع السلف الصالح فيما قرروه في عقائدهم، وقع في بينهم خلاف في بعض المسائل التطبيقية مما هو معروف.
عمل القلب ما هو؟ عمل القلب هو من جنس إسلام القلب لله جل وعلا, من جنس المحبة محبة الرب جل وعلا ومحبة رسوله (ومحبة دين الإسلام، من جنس الخوف والرجاء والرغب والرهب والتوكل, حسن الظن بالله، ونحو ذلك من العبادات القلبية المعروفة.
أما عمل الجوارح فهو كل عمل صالح يتقرب به العبد إلى ربه بجوارحه مما أمر الله جل وعلا به.
إذا تبين هذا فمراد الإمام رحمه الله بإيراد هذا الحديث أن تفسير الإسلام يشمل هذا الذي ذكر جميعا، فالإسلام يفسر بالإيمان وهو أفضل الإسلام، ويفسَّر بالأركان الخمسة بأداء حقوق الله جل وعلا عقيدة وفي العبادة، ويفسَّر أيضا بأداء حقوق العباد المؤمنين، ويفسر أيضا الإسلام بأن يُسلم قلبه لله جل وعلا انقيادا وطاعة، وهذه الأمور هي التي يدور عليها فلك الإسلام، أو يدور عليها أوائل الإسلام وما أمر الله جل وعلا به في تحقيق الإسلام, الإيمان وأركان الإسلام الخمسة, أداء حقوق العباد, استسلام القلب لله جل وعلا وحده دونما سواه وإسلام الوجه إلى الله جل وعلا وحده دونما سواه.
(8) الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك:
قال الشيخ البراك تعليقاً على كلام الحافظ في الفتح 1(/ 46)( ): (قوله: "والفارق بينهم وبين السلف.... الخ": هذا الفرق بين المعتزلة والسلف لا يستقيم سواء أريد بشرط الصحة أو شرط الكمال: جنس العمل، أو أنواع العمل الواجبة، أو الواجبة والمستحبة؛ فإن الأعمال المستحبة من كمال الإيمان المستحب، فلا تكون شرطاً لصحة الإيمان، ولا لكماله الواجب.
وأما الأعمال الواجبة: فليس منها شرط لصحة الإيمان عند جميع أهل السنة، بل بعضها شرط لصحة الإيمان عند بعض أهل السنة كالصلاة.
وأما عند المعتزلة: فالمشهور من مذهبهم ومذهب الخوارج أن ما كان تركه كبيرة فهو شرط لصحة الإيمان، وعلى هذا فلا يصح أن يقال: إن جنس العمل عندهم شرط لصحة الإيمان؛ لأن ذلك يقتضي أن الموجب للخروج عن الإيمان عندهم هو ترك جميع الأعمال، وليس كذلك، بل يثبت عندهم الخروج عن الإيمان بارتكاب ما هو كبيرة.
وأما عند السلف: فعمل الجوارح تابع لعمل القلب، وجنس عمل القلب شرط لصحة الإيمان، وجنس عمل الجوارح تابع أو لازم لعمل القلب، فيلزم من انتفاء اللازم انتفاء الملزوم ؛ فإن الإعراض عن جميع الأعمال دليل على عدم انقياد القلب.
هذا، ولا أعلم أحدا من أئمة السلف أطلق القول بأن الأعمال شرط أو ليست شرطا لصحة الإيمان أو كماله، وإنما المأثور المشهور عنهم قولهم: "الإيمان قول وعمل" أو "قول وعمل ونية" ؛ يقصدون بذلك الرد على المرجئة الذين أخرجوا الأعمال عن مسمى الإيمان، وخصوا الإيمان بالتصديق، أو التصديق والإقرار باللسان.
وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ بإطلاق القول بأن الأعمال شرط لصحة الإيمان عند المعتزلة، وشرط لكماله عند السلف ليس بمستقيم لما تقدم)( ).
(9) الشيخ العلامة زيد المدخلي حفظه الله:
قال فضيلة الشيخ زيد المدخلي حفظه الله: (الصنف الخامس:عموم المرجئة الذين أخرجوا العمل عن مسمى الإيمان ,وادعوا أن من حصل له مجرد التصديق فتصديقه هذا باق على حاله لا يتغير سواء أتى بشيء من الطاعات أم لا,وسواء اجتنب المعاصي أوارتكبها، فهم لم يفرقوا بين جنس العمل -والذي يعد شرطاً في صحة الإيمان عند أهل السنة- وبين آحاد العمل وأفراده( ) والذي يعد تاركه غير مستكمل الإيمان،وقد استعملوا القياس فقالوا:"لا يضر مع الإيمان معصية, كما لا تنفع مع الكفر طاعة" وأهل السنة يوافقونهم في أنه لا ينفع مع الكفر الأكبر طاعة، ويخالفونهم في اعتقاد أنه لا تضر مع الإيمان معصية كما هو معلوم,إذ المعاصي ينقص بها الإيمان مالم تكن كفراً فتحبطه.
وبطلان قول هذا الصنف ظاهر لمعارضته نصوص الكتاب والسنة التي تدل على أن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ,وهي كثير في الكتاب والسنة كما قد سبق ,وقد أجمع على ذلك سلف الأمة وأتباعهم)( ).
(10) الشيخ العلامة حسين بن غنام رحمه الله
(ولهذا فسر النبي الإيمان عند ذكره مفرداً – كما في حديث وفد عبد القيس – بما فسر به الإسلام المقرون بالإيمان في حديث جبريل، وفسر في حديث آخر الإسلام بما فسر به الإيمان، كما في مسند الإمام أحمد عن عمرو بن عبسة قال: جاء رجل إلى النبي – – فقال يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال:"أن تسلم قلبك لله، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك، قال: أي الإسلام أفضل؟ قال: الإيمان قال:وما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، قال: فأي الإيمان أفضل؟ قال: الهجرة قال فما الهجرة؟ قال: أن تهجر السوء، قال فأي الهجرة أفضل؟ قال: الجهاد" فجعل النبي – - الإسلام الإيمان وأدخل فيه الأعمال.
وحاصل القول: أنه إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرق؛ وهو أن يقال: إن الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته. والإسلام هو: استسلام العبد لله –تعالى- وخضوعه وانقياده، وذلك يكون بالعمل وهو الدين كما سمَّى الله – تعالى – في كتابه الإسلام ديناً، وسمَّى النبي – – الإسلام والإيمان والإحسان ديناً، وهذا أيضاً مما يدل على أن الاسمين إذا أُفرد دخل فيه الآخر، وإنما يفرق بينهما حيث يقرن أحد الاسمين بالآخر، فيكون حينئذ المراد بالإيمان: جنس تصديق القلب، وبالإسلام: جنس العمل)( ).
(11) الشيخ العلامة فالح بن نافع الحربي حفظه الله
((...، قضية جنس العمل سألني شخص سؤال هكذا قال يا شيخ ما رأيك فيمن يقول عن تارك جنس العمل أنه ناقص الإيمان أنا أجيب بما أعتقد ولا أنتظر حتى أعرف رأي الشيخ فلان أو فلان هذا أمر ما ندين الله به نجيب إخواننا به، يقول هل وافق المرجئة إذا قال عن تارك جنس العمل ناقص الإيمان وافق المرجئة يعني هو الذي قال جنس العمل ما قلت أن جنس العمل أنا أجبته على ما افهمه أعلم أنه يوافق ا لمرجئة والمعنى واضح عندي وهو أنه حكم بإيمانه لو حكم بكمال إيمانه وأنه كامل الإيمان لكان مرجئة لكن هو قال ناقص من الإيمان فإذا فلقد وافق المرجئة، وذلك أن أهل السنة والجماعة مجمعون ومطبقون على أن تارك جنس العمل جميعه جميع العمل وهذا ما يعبر عنه بجنس العمل ولا بدعة في ذلك وهذا معنى تعريف أهل السنة بالإيمان أنه اعتقاد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالجوارح ويعني جميع عمل الجوارح يقال له جنس العمل و جنس الشئ هو جميع ما ينطبق ما يخرج عن الشئ مما يجعل له هذا اللقب ويطلق عليه هذا الوصف، نقول جنس الإبل هل يخرج شيئ من الإبل لا يخرج شيئ من الإبل ولذلك أهل السنة سواء قالوا جنس العمل أو قال الأعمال كل الأعمال فإن مقصودهم هو أن الإنسان لا يعمل عملا قط والإمام احمد رحمه الله عندما قيل له عن شخص يقول (إذا نطق بلسانه فقد عمل) قال هذا قول خبيث ما سمعت به ولا بلغني ثم جاء العلماء وصاروا ينطقون بجنس العمل ولا يرون في النطق به محضورا حتى نطق به نصا أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوزان سبحان الله كيف أن جنس العمل كأنما هو حجر أو كأنما هو جنس العمل ممنوعا أو باطلا محضورا بمجرد أن تنطق بجنس العمل هذا لا ينبغي أن يقال وخصوصا أنه نطق به علماء كبار أفاضل ولا رأوا فيه محضورا ولا محذورا ولكن مع الأسف يبدو أن الشيخ ربيع وفقه الله في وقت يرى أن لا يقال جنس العمل وهذا على كل حال اجتهاد وإذا قيل اجتهاد خاص به فلا يلزم به الآخرين ولكن حقيقة يحتاج الأمر إلى نظر طالما أن المفهوم واضح وعلماء الأمة قد تكلموا بهذا المصطلح أو اللفظ ومعناه واضح مفهوم فلماذا هذه الحساسية منه، ولكن قوله ينكر هذا الشيخ هنا قال لو نهيتهم من الخوض في جنس العمل ليش أنهاهم عن الخوض في جنس العمل وهو مفهوم عندي وواضح وإن كنت وكما قلت لست أنا الذي تكلمت به فهو مفهوم واضح، قال لا أعلم احد من السلف مثلا تكلم به، ما دام أنا لا أعلم أنا ولا أنت من تكلم فيه فهذا ليس حجة نمنع الناس من شيئ إن تكلموا فيه ومعناه واضح وما تكلموا فيه هو هذا لا يخالف جنس العمل أو كل الأعمال ويقال جنس العمل هذا الإنسان ما عمل كل الأعمال، فسبحان الله كيف أنا أنهاهم عن شيئ استعلمه أهل السنة استعمله علماء أفاضل من علماؤنا أنا أكون بهذا مخالفا لهم ولا أكون وافقتهم أيضا فقضية إني قلت وافق المرجئة فأنا مصيب فيها ولا عندي أدنى شك في ذلك بل آخر من قرأت له صاحب النكت القصاص رحمه الله وهو من أئمة أهل السنة في قضية من لا يكفر بالصلاة والزكاة عندما يرى كفر من يكفر بالصلاة والزكاة فيلزمه بأنه وافق المرجئة فتلك شكاة ظاهر عنك عارها فإذا كان الشيخ ربيع رأى أن من قال عن جنس العمل أنه وافق المرجئة فلا يلزم الآخرين أو يقول عن الآخرين أنهم فسدت عقائدهم أو إنهم خالفوا العقيدة أو أن أصولهم غير أصول أهل السنة والجماعة هذا لا ينبغي أن يقال على الإطلاق...))( ).
(12)فضيلة الشيخ: حمد بن عبدالعزيز بن عتيق - وفقه الله وسدده -
ويُعَدُّ كتابه تنبيه الغافلين فريدا في بابه..ومنها سننقل -بتوفيق الباري-
1/ عنوان الرسالة: ((تنبيه الغافلين إلى إجماع المسلمين على أن ترك جنس العمل كفر في الدين..))
2/ قال حفظه الله: ((فقد كثر الخوض في هذه الأيام، في مسائل الإيمان عموماً، ومسألة ترك جنس العمل خصوصاً.، وحصل بذلك فتنة لا يعلم مآلها إلا الله سبحانه وتعالى، أسأل الله أن يعصمنا من مضلات الفتن، إنه سميع مجيب.
ولما كانت مسألة ترك جنس العمل من المسائل الواضحات، من جهة الأدلة الشرعية والنقول السلفية عن الأئمة رحمهم الله، استعنت بالله في كتابة هذه الأوراق التي بين يديك)).
3/ وقال – أيضا: ((وقد تفرع عن هذا الأصل - العظيم – مسألة تكفير تارك جنس العمل))
4/ وقال -ايضا: ((ولقد أخطأ بعض الناس – في هذا الزمان – لظنه أن أهل السنة لا يقولون بكفر تارك جنس العمل. مستدلاً ببعض الأدلة المشتبهة مؤيداً ذلك بكلام لبعض السلف فهمه على حسب ظنه، مع أن المسألة قد نقل غير واحد من أهل العلم إجماع أهل السنة عليه)).
5/ وقال أيضا: ((الفصل الثالث: ترك جنس العمل كفر أكبر: المبحث الأول: صورة المسألة: صورة المسألة هي في رجل نطق بالشهادتين، ثم بقي دهراً لم يعمل خيراً مطلقاً، لا بلسانه ولا بجوارحه، ولم يعد إلى النطق بالشهادتين مطلقاً، مع زوال المانع)).
6/ وقال أيضا: ((المبحث الثاني: الأدلة على أن ترك جنس العمل كفر:
أ – ما أخرجه الشيخان من حديث النعمان بن بشير: أن رسول الله قال:" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)).
7/ وقال الشيخ أيضا: ((الإجماع على أن ترك جنس عمل الجوارح كفر مخرج عن الملة، وقد نقل هذا الإجماع غير واحد من أهل السنة والجماعة، ومنهم:
الشافعي: قال: كان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم، ومن أدركنا يقولون: الإيمان قول وعمل ونية، لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر)).اهـ.
8/ وقال: ((المبحث الثالث: الأدلة التي استدل بها من قال إن ترك جنس العمل ليس بكفر والجواب عنها)).
الأدلة التي فيها أن الله لا يغفر الشرك والكفر الأكبرين ويغفر ما دون ذلك، ومنه قول الله سبحانه: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) وما رواه مسلم من حديث جابر أن النبي قال: " من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة)
والجواب: أن هذا من الاستدلال بمحل النزاع، إذ إننا نرى أن ترك جنس العمل من الكفر الأكبر المخرج عن الملة، فكما أنه لا يجوز أن يستدل بهذه الآيات والأحاديث على عدم الكفر بترك جنس عمل القلوب، فكذا لا يصح الاستدلال بها على عدم الكفر بترك جنس عمل الجوارح.
9/ وقال: ((أن التمسك بعموم هذه الأدلة يلزم منه عدم التكفير بترك جنس أعمال القلوب، لأنها لم تذكر في حسنات هذا الرجل، فإن قيل إنها لابد أن تكون معه بدلالة الأدلة الأخرى، فكذلك أعمال الجوارح لابد أن تكون معه بدلالة الأدلة الأخرى، فما كان جواباً لكم عن عدم ذكر أعمال القلوب، فهو جوابنا عن عدم ذكر أعمال الجوارح)).
10/وقال: ((هذا الرجل – قطعاً – لم يقع في ناقض من نوا قض الإيمان كالاستهزاء بالله، إذ لو كان كذلك لم تنفعه بطاقته، فكذلك يقال: إن هذا الرجل لم يقع في ترك جنس عمل الجوارح، لأنه ناقض بدلالة الأدلة المتقدمة.
11/ وقال -أيضا -المبحث الرابع: سبب الخطأ، ومنشأ الغلط عند من قال من أهل السنة – في هذه الزمان – بأن ترك جنس العمل ليس بكفر.
أولاً: ظنهم التلازم بين عدم التكفير بترك المباني الأربعة وعدم التكفير بترك جنس العمل. لقد دخلت هذه الشبهة على كثير ممن قال: إن ترك جنس العمل ليس بكفر، فهو يقول: إن من يكفر بترك أحد المباني الأربعة، كالصلاة مثلاً فلا شك أنه يلزمه أن يكفر بترك جنس العمل، وكذا من يكفر بترك الزكاة والصيام والحج، أما وإني لا أكفر بترك أحد هذه المباني الأربعة، فبأي شيء أُكفر تارك جنس العمل؟!.
والجواب عن هذه الشبهة أن يقال: إنه لا تلازم أبداً بين عدم التكفير بترك المباني الأربعة، وعدم التكفير بترك جنس العمل،كيف لا ؟ وهذا هو الشافعي وهو ممن يرى عدم التكفير بترك أحد المباني الأربعة، يرى في الوقت نفسه تكفير تارك جنس العمل بل وينقل الإجماع عليه. إذ إن القول بتكفير تارك جنس العمل ليس مبنياً أصلاً على القول بتكفير تارك المباني الأربعة، فالقول بكفر تارك أحد المباني الأربعة له أدلته المنفصلة عن القول بتكفير تارك جنس العمل.
وقد يقول قائل منهم: إن لم أكفر بترك المباني الأربعة مجتمعة، فتركي للتكفير بترك ما دونها من باب أولى.
والجواب: أن التكفير بترك جنس العمل، ليس تكفيراً بترك ما دون المباني الأربعة، بل هو تكفير بترك المباني الأربعة وغيرها من الأعمال، وفرق بين هذا وهذا، فتنبه.
ثانياً: فهمهم الخاطئ لبعض عبارات السلف رحمهم الله، وحملهم إياها على القول بعدم التكفير بترك جنس العمل.
ومن ذلك: ما يردده كثير من أهل السنة من أن أصل الإيمان في القلب، وعمل الجوارح فرع عنه، ففهموا من ذلك أن الأصل قد يوجد مع عدم وجود الفرع))
12/ وقال - ايضا - الثالث: ((لو كان ابن تيمية يرى أن ترك جنس العمل ليس بكفر، فكيف يقول ويقرر عقيدة التلازم بين الظاهر والباطن))؟!.
13/ وقال:أن من استحضر أن ابن تيمية لا يمكن أن يقول بعدم كفر تارك جنس العمل، علم أن مراده بقوله " وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه"، إما نفي الوجود فيقابله عدم إيمان القلب وعبر عنه بقوله " دل على عدمه " وإما نفي للكمال الواجب فيقابله ضعف إيمان القلب والذي عبر عنه بقوله " أو دل على ضعفه)).
14/ وقال: ((وقد رأيت بعضهم استدل بهذا النقل عنه ليثبت أن ابن تيمية لا يرى كفر تارك جنس العمل...))
15/وقال – أيضا: ((الفصل الرابع: علاقة مسألتي ترك الصلاة، والحكم بغير ما أنزل الله بمسألة جنس العمل المبحث الأول: مسألة ترك الصلاة وعلاقتها بمسألة جنس العمل)).
16/ وقال: ((حث الثاني: مسألة الحكم بغير ما أنزل الله وعلاقتها بمسألة جنس العمل.
وكذلك في هذه المسألة أخطأ بعضهم لما وصف قول الذين لا يكفرون بالحكم بغير ما أنزل الله إلا إذا استحل ؛ بأنه قول المرجئة الضالة حيث جعل القول بعدم كفر من حكم بغير ما أنزل الله مبنياً على القول بعدم الكفر بترك جنس العمل.
وخطؤه راجع لأمرين:
الأول: أنه لا تلازم بين القول بعدم كفر من حكم بغير ما أنزل الله وبين القول بعدم كفر من ترك جنس العمل، إذ إن الحكم بما أنزل الله من العمل وليس هو جنس العمل.
(13) الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد القرني
قال الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد القرني:(في كتابه(ضوابط التكفير:52) وهو يبين حقيقة الالتزام المشروط في أصل الدين "الالتزام بجنس العمل، وهو إجمـاع أهـل السنـة والجمـاعة، ومعنى قولهم:(الإيمان قول وعمل)( )..اهـ.
(14) الشيخ الدكتور عبد الله بن إبراهيم الزاحم
قال الشيخ الدكتور عبد الله بن إبراهيم الزاحم: (مقدمة كتاب التبيان لعلاقة العمل بمسمى الإيمان:):"فإني أود التنبيه على عبارة الحافظ ابن حجر رحمه الله حين أراد التفريق بين قول أهل السنة وقول المعتزلة في تعريف الإيمان وبيان حده... إذ قد فهم منها بعض الفضلاء أن الأعمال الصالحة كلها شرط كمال عند السلف. وهذا خطأ يقع فيه كثير من طلاب العلم ممن لم يمحص قول السلف في هذا الباب، فإن هذه العبارة عند السلف يراد بها آحاد الأعمـال لا جنسها، أي: أن كل عمل من الأعمال الصالحة عندهم شرط لكمال الإيمان، خلافاً للمعتزلة الذين يرون أن كل عمل شرط لصحة الإيمان، لأن الإيمان عند السلف يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وليس مرادهم: أن جنس الأعمال شرط لكمال الإيمان، ولأن هذا يقتضي صحة الإيمان بدون أي عمل، وهذا لازم قول المرجئة، وليس قول أهل السنة)).اهـ.
فبعد هذه النقولات لأفاضل العلماء والأساتذة الكبار –حفظهم الله- هناك من يأتي ويتشبث باجتهاد عالم حينما وصف جنس العمل بأنها (طنطنة)( )، محملين هذا الكلام ما لا يحتمل من اللوازم الباطلة ظناً منهم أن قائل العبارة يوافقهم على عقيدتهم الإرجائية، كما سيأتي توضيح ذلك في موضعه إن شاء الله.
ولكن نقول أن هؤلاء:
كرهوا الهدى والحقَّ لما جاءهم ولو انَّمَا اتَّبع الهدى أهواءهم . جَنَفاً إلى الإهمال والإسراف جاؤوا بسم للأنام زُعافِ .
ثم تلقف هذه العبارة شباب جهال يرددونها كالببغاء دون فقه لمعنى ما يقولونه، وهم كما قال الشاعر:
. الغافل الأمي ينطق عندكم . . كالببغاء مردداً ومكرراً .
كل هذا بسبب ماذا ؟!.
بسبب التقليد الأعمى( )، والتعصب للرجال، والذي أدى إلى أن يتطاولوا على العلماء وأن ينسبوا لهم أشنع الصفات فمنهم من يقول أنهم مذهبيين وآخر يقول أن لهم أغراض شخصية، و..و...الخ.
فلا نقول إلا كما قال الشاعر:
. وكنتم كالكلب أضحى نابحاً قمراً . . وهل يضر نـباح الكلب بالقمر .
وقال آخر:
. فما على البحر من كلب به ولغـا . ولا على البدر من عاو عوى ولغا
.
فنصيحتي لكل الشباب الذين يسمعون مثل هذه الطعونات السمجة في حق علمائنا الربانيين من هؤلاء الجهلة أن يعرضوا عنهم وأن يُحذروا منهم ويبينوا حالهم للقاصي والداني حتى يحذرهم من لا يعرفهم وبذلك ينحصر شرهم، وندعوا من الله أن يقصم ظهورهم إن كان في علمه أنهم لا ينتهون عن غيهم وضلالهم.
الغليفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق