الاثنين، 14 سبتمبر 2015

الولاء و البراء ركن من أركان لاإله إلاالله

الولاء والبــراء ركــن من أركان لا إله إلا الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مفهوم الولاء والبراء
ـــــــــــــــــــــــــــــ

الولاء في اللغة :
__________

جاء في لسان العرب :" الموالاة – كما قال ابن الأعرابي : أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح ، ويكون له في أحدهما هوى فيواليه أو يحابيه ،ووالى فلان فلاناً : إذا أحبه."
والموالاة ضد المعاداة ، والولي ضد العدو ، قال تعالى ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَانِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا﴾ (مريم :45)
تعريف البراء في اللغة :

_______________

مصدر بَرَى بمعنى قطع ومنه برى القلم بمعنى قطعه والمراد هنا : قطع الصلة مع الكفار فلا يحبهم ولا يناصرهم ولا يقيم في ديارهم .
قال ابن الأعرابي :" برئ إذا تخلص ، وبرئ ، إذا تنزه وتباعد ، وبرئ : إذا أعذر وأنذر ، ومنه قوله تعالى : ﴿ بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ (التوبة:1)
أي : إعذار وإنذار ." (لسان العرب :1:183،القاموس المحيط:1/8)
والبرىء والبراء بمعنى واحد إلا أن البراء أبلغ من البرىء .
والبراء في الاصطلاح : هو البعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار .
يقال برىء وتبرأ من الكفار إذا قطع الصلة بينه وبينهم فلا يواليهم ولا يحبهم ولا يركن إليهم ولا يطلب النصرة منهم .
شرح تعريف الولاء والبراء :

قال شيخ الإسلام ابن تيميه : " الولاية : ضد العداوة . وأصل الولاية : المحبة والقرب ، وأصل العداوة : البغض والبعد .
ولما عقد الله الأخوة والمحبة والموالاة والنصرة بين المؤمنين ، ونهى عن موالاة الكافرين كلهم من يهود ونصارى وملحدين ومشركين كان من الأصول المتفق عليها بين المسلمين : أن كل مؤمن موحد تارك لجميع المكفرات الشرعية تجب محبته وموالاته ونصرته ، وكل من كان بخلاف ذلك وجب التقرب إلى الله ببغضه ومعاداته وجهاده باللسان واليد بحسب القدرة والإمكان .
وحيث أن الولاء والبراء تابعان للحب والبغض ، فإن أصل الإيمان أن تحب في الله أنبياءه وأتباعهم ، وتبغض في الله أعداءه وأعداء رسله ." (أنظر الفتاوى السعدية للشيخ عبد الرحمن بن سعدي 1/98)
.
الولاء والبراء ركن من أركان لا إله إلا الله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الولاء والبراء قاعدة من قواعد الدين وأصل من أصول الإيمان والعقيدة ، فلا يصح إيمان شخص بدونهما ، فيجب على المرء المسلم أن يوالي في الله ويحب في الله ويعادي في الله فيوالي أولياء الله ويحبهم ويعادي أعداء الله ويتبرأ منهم ويبغضهم ، قال النبي: " أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله "( رواه الطبراني في المعجم الكبير ،وسنده حسن )
فالولاء يقوم على المحبة والنصرة والاتباع ، فمن أحب في الله وأبغض في الله ، ووالى في الله ، وعادى في الله ، فهو ولي الله .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك وقد صارت مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئاً "(حلية الأولياء 1/312 ،جامع العلوم والحكم ص30)

-وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مجموعة التوحيد :" أصل دين الإسلام وقاعدته أمران :
الأول : الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له والتحريض على ذلك وتكفير من تركه .
قال الشارح : " قال تعالى ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ (مريم:48) فيجب اعتزال الشرك وأهله بالبراءة منهما كما صرح به في قوله تعالى : ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ (الممتحنة :4 )
وهذه الآية تتضمن جميع ما ذكره شيخنا رحمه الله من التحريض على التوحيد ونفي الشرك ، والموالاة لأهل التوحيد وتكفير من تركه بفعل الشرك المنافي له، فإن من فعل الشرك فقد ترك التوحيد .. فإنهما ضدان لا يجتمعان .. فمتى وجد الشرك انتفى التوحيد وقد قال تعالى في حق من أشرك : ﴿ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﴾ (الزمر:8) فأكفره الله تعالى باتخاذ الأنداد وهم الشركاء في العبادة وأمثال هذه الآيات كثير فلا يكون المرء موحداً إلا بنقي الشرك والبراءة منه وتكفير من فعله .
.
الثاني : الإنذار عن الشرك في عبادة الله والتغليظ في ذلك والمعاداة فيه وتكفير من فعله .
.
قال الشارح : فلا يتم مقام التوحيد إلا بهذا وهو دين الرسل – إلى أن قال – ووسم تعالى أهل الشرك بالكفر فيما لا يحصى من الآيات فلا بد من تكفيرهم أيضاً هذا مقتضى : لا إله إلا الله كلمة الإخلاص فلا يتم معناها إلا بتكفير من جعل لله شريكاً في عبادته كما في الحديث الصحيح ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله )." أهـ
.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : " إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي أن لا يحب إلا الله ، ولا يبغض إلا لله ولا يوالي إلا لله ، ولا يعادي إلا لله ،وأن يحب ما أحبه الله ويبغض ما أبغضه الله ." (الاحتجاج بالقدر:62)

إن المسلم منذ أن يعلن شهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله فإن ذلك يعني إفراد الله سبحانه وتعالى بالوحدانية والألوهية والربوبية وخلع كل ولاء وعبودية وطاعة وخضوع وخوف ورجاء لأي معبود أو متبوع أو مطاع من دون الله. وقصر هذا الولاء والحب والتعظيم لله سبحانه وتعالى .
وقد نزل الوحي الإلهي أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء بقوله سبحانه وتعالى : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ .الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ .عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾.
ثم بعد ذلك نزل قوله تعالى : ﴿ يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنذِرْ ﴾(المدثر :1-2)
وبدأ المصطفى صلى الله عليه وسلم يدعو الناس سراً إلى الإسلام وأسلم معه نفر قليل منهم أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وخديجة بنت خويلد زوجته رضي الله عنهم جميعاً . وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يغرس في نفوس أصحابه محبة الله ومحبة رسوله والاجتماع على ذلك وإخلاص الحب والولاء والنصرة للمؤمنين وبغض الكفر والشرك وأهله . واختار المصطفى صلى الله عليه وسلم دار الأرقم لتلقين من آمن معه أمور هذا الدين . ولقد كانت هذه الدار هي الملتقى الأول لأولئك القادة العظام ،كانت هي الدار التي بدأ يشع منها ذكر الله وتوحيده في الأرض .

ترى ما هو حال المسلمين آنذاك ، وماذا بعد النطق بالشهادتين ؟
" إنه لم يكن للإسلام والمسلمين في مكة شريعة ولا دولة ، ولكن الذين كانوا ينطقون بالشهادتين كانوا يسلمون قيادتهم من فورهم للقيادة المحمدية ، ويمنحون ولاءهم من فورهم للعصبة المسلمة . وكان الرجل حين يدخل الإسلام يخلع على عتبته كل ماضيه في الجاهلية ، ويبدأ عهداً جديداً منفصلاً كل الانفصال عن حياته التي عاشها في الجاهلية . إنه يقف من كل ما عهده في جاهليته موقف المستريب الشاك الحذر المتخوف ، لقد كانت هناك عزلة شعورية كاملة بين ماضي المسلم في جاهليته وحاضره في إسلامه ، ونشأت عن هذه العزلة ، عزلة في صلاته بالمجتمع الجاهلي من حوله وروابطه الاجتماعية أيضاً .إنه قد انفصل نهائياً عن بيئته الجاهلية واتصل نهائياً ببيئته الإسلامية ، حتى لو كان يأخذ من بعض المشركين ويعطي في عالم التجارة والتعامل اليومي فالعزلة الشعورية شئ والتعامل اليومي شئ آخر ......"
" وحين انخلع المسلم من عقيدة الشرك إلى عقيدة التوحيد ومن تصور الجاهلية إلى تصور الإسلام فإنه أيضاً كان ينسلخ من القيادة الجاهلية ، وينزع ولاءه من الأسرة والعشيرة والقبيلة ويترجم ذلك إلى واقع وحقيقة يقوم عليها الإسلام . وهذا هو الذي أزعج الملأ من قريش ! .
إن الإسلام هو تلك الحركة المصاحبة للنطق بالشهادتين ثم الانخلاع من المجتمع الجاهلي وتصوراته وقيمه وقيادته وسلطانه وشرائعه . والولاء لقيادة الدعوة الإسلامية التي تريد أن تحقق الإسلام في عالم الواقع ، ولذلك قاوم الملأ من قريش هذه الدعوة بشتى الأساليب ." (في ظلال القرآن 3/1503،معالم في الطريق )

لقد كان نبي الله إبراهيم عليه السلام : أسوة حسنة وقدوة طيبة في ولاءه لربه ودينه وعباد الله المؤمنين وبراءته ومعاداته لأعداء الله ومنهم أبوه .
لقد كانت سيرة نبي الله إبراهيم عليه السلام مع قومه كأي نبي ورسول ، حيث دعاهم بالتي هي أحسن إلى عبادة الله وتوحيده وإفراده بالعبادة والكفر بكل طاغوت يعبد من دون الله فقال تعالى ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾(الممتحنة:4 )

وعقيدة إبراهيم عليه السلام هذه هي التي عبر عنها علماؤنا الأجلاء علماء سلف هذه الأمة بقولهم : لا موالاة إلا بالمعاداة .
كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله : " لا تصح الموالاة إلا بالمعاداة . كما قال تعالى عن إمام الحنفاء المحبين "(الجواب الكافي 213،وانظر ابن كثير ،ومجموع التوحيد133)
ويقول الإمام الطبري :" قد كانت لكم يا أمة محمد أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه في هذا الأمر من مباينة الكفار ومعاداتهم وترك موالاتهم " (التفسير)
كما يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب : " اعلم رحمك الله تعالى : أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله والدليل قوله تعالى : ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾(النحل:36)
فأما صفة الكفر بالطاغوت : أن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها وتُكَفِّر أهلها وتعاديهم ، وأما معنى الإيمان بالله : فأن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده دون من سواه ، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله وتنفيها عن كل معبود سواه وتحب أهل الإخلاص وتواليهم . وتبغض أهل الشرك وتعاديهم وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها . وهذه هي الأسوة الحسنة التي أخبر الله بها في قوله : ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ (الممتحنة :4 )
إلى أن قال : واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت والدليل قوله تعالى :﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ (البقرة:256) " اهـ (الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة )
.
فلذلك عرف الحنفاء معنى لا إله إلا الله وأن معناها الإيمان بالله والكفر بالطاغوت وأن حقيقتها المعاداة والموالاة .وعرف الحنفاء أيضاً في وقت بدلت فيه الشرائع وحرفت أن الإسلام هو عبادة الله وحده لا شريك له . وترك عبادة غير الله وتكفير من عبد غير الله والتبرئ منه واعتقاد أنه ليس على شئ وموالاة المؤمنين الذين أخلصوا العبادة لله فلهذا اعتبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم مسلمين عندما ذكر سيرتهم ودعا لهم بالمغفرة والرحمة ، فما حجة الذين يوالون المشركين ويدافعون عنهم اليوم في وقت يوجد فيه كتاب الله بين أيدينا وقد تعهد الله بحفظه إلى يوم القيامة وفي وقت انتشر فيه العلم . يدافعون عن المشركين بحجة أنهم معذورين بالجهل وأنهم في مقام الدعوة قبل التصدي لإصدار الأحكام على الناس .

وهناك سؤال يتكرر من الذين يجهلون مدلول كلمة هذا الدين . يقولون : أننا اليوم في مقام التعليم قبل التصدي لإصدار الأحكام على الناس وما فائدة الحكم على الناس ؟ !.
والجواب :
_____

ونحن والحق أحق أن يتبع نتأسّى برسول الله لا بغيره ، فهل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمس في قريش وفي مواجهة البشرية الكافرة كلها في مقام التعليم أم في مقام التصدي لإصدار الأحكام على الناس .؟؟
وترى هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو على الناس ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ﴾(يونس:104)
ويتلو عليهم : ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ . لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ﴾ (الكافرون:1-2)
في مقام التعليم أم في مقام الحكم على الناس .؟؟!! .
إنه في اعتقادي كان في مقام التعليم للبشرية كلها ولمن اتبعه لهذه العقيدة ولم يتعارض هذا مع معرفة حقيقة حكمهم ووصفهم بهذا الحكم﴿ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ وإن جاز الترفق في إبلاغ هذا الحكم لهم أثناء دعوتهم للمصلحة وعدم النفرة ،كما ذكر ذلك العلماء وقد قال صاحب الظلال
" إن التلطف في دعوة الناس إلى الله ينبغي أن يكون في الأسلوب الذي يبلغ به الداعية لا في الحقيقة التي يبلغهم إياها . إن الحقيقة يجب أن تبلغ إليهم كاملة . أما الأسلوب فيتبع المقتضيات القائمة ويرتكز على قاعدة الحكمة والموعظة الحسنة." (طريق الدعوة في ظلال القرآن ج1ص92)

ولقد جهل ذلك السائل أن قضية الولاء للمؤمنين والبراء من الكفرة والمشركين فرض افترضه الله على عبادة ولا يكون المرء مسلماً إلا بذلك . فمن لم يعاد الكافرين ويوال المسلمين فليس من حزب الله ولا من أهل ولايته .
-فمن لم يعاد المشركين ومن لم يوال ولم يبغض ولم يتجنب
-فليس على منهاج سنة أحمد وليس على نهج قويم معرب

قال تعالى :﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ (الأنفال :73)
-يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تفسير هذه الآية :
" أي إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين ، إلا وقعت الفتنة في الناس وهو التباس الأمر ، واختلاط المسلم بالكافر ، على غير تمييز فيقع بذلك الفساد."اهـ (مختصر تفسير سورة الأنفال 25)
ويقول الله تعالى ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ (الأنعام :55)
" إن سفور الكفر والشر والإجرام ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح واستبانة سبيل المجرمين هدف من أهداف التفصيل الرباني للآيات ، ذلك أن أي غبش أو شبهة في موقف المجرمين وفي سبيلهم ترتد غبشاً وشبهة في موقف المؤمنين وفي سبيلهم ، فهما صفحتان متقابلتان وطريقان مفترقان ولا بد من وضوح الألوان والخطوط .
ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين . يجب أن تبدأ من تعريف سبيل المؤمنين وتعريف سبيل المجرمين ووضوح العنوان المميز للمؤمنين والعنوان المميز للمجرمين في عالم الواقع لا في عالم النظريات . فيعرف أصحاب الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية من هم المؤمنين فيمن حولهم ومن هم المجرمين ."

إلى أن يقول " ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة فيعكفون عليها توسيعاً وتمييعاً وتلبيساً وتخليطاً حتى يصبح الجهر بكلمة الفصل تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام !! تهمة تكفير المسلمين !!! ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهم لا إلى قول الله ولا إلى قول رسول الله. " (في ظلال القرآن تفسير سورة الأنعام )
" والذين يقولون أنهم مسلمون ، ولا يقيمون ما أنزل إليهم من ربهم هم كأهل الكتاب ليسوا على شئ . والذي يريد أن يكون مسلماً يجب عليه بعد إقامة كتاب الله في نفسه وفي حياته أن يواجه الذين لا يقيمونه بأنهم ليسوا على شئ حتى يقيموه ،وإنَّ دعواهم أنهم على دين يردها عليهم رب العالمين . فالمفاضلة في هذا الأمر واجبة ودعوتهم إلى الإسلام من جديد هي واجب المسلم الذي أقام كتاب الله في نفسه وفي حياته ، فدعوى الإسلام باللسان والوراثة دعوى لا تفيد إسلاماً ولا تحقق إيماناً ولا تعطي صاحبها صفة التدين في أي ملة وفي أي زمان . "(طريق الدعوة في ظلال القرآن1/91-92)
" وما أحوج الداعين إلى الإسلام اليوم إلى هذه البراءة وهذه المفاصلة وهذا الحسم ... وما أحوجهم إلى الشعور بأنهم ينشئون الإسلام من جديد في بيئة جاهلية منحرفة . وفي أناس سبق لهم أن عرفوا العقيدة ثم طال عليهم الأمد (فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) .. وأنه ليس هناك أنصاف حلول ولا التقاء في منتصف الطريق ولا إصلاح عيوب ولا ترقيع مناهج إنما هي الدعوة إلى الإسلام كالدعوة إليه أول ما كان ، الدعوة بين الجاهلية ، والتمييز الكامل عن الجاهلية ﴿لكم دينكم ولي دين﴾.وبغير هذه المفاصلة سيبقى الغبش وتبقى المداهنة ويبقى اللبس ويبقى الترقيع ، والدعوة إلى الإسلام التي لا تقوم على هذا الأسس مدخولة واهنة ضعيفة .. إنها لا تقوم إلا على الحسم والصراحة والشجاعة والوضوح وهذا هو طريق الدعوة الأول ﴿لكم دينكم ولي دين﴾ " (طريق الدعوة في ظلال القرآن)

.
أقوال بعض المفسرين على أن موالاة المشركين كفر مستبين .
___________________________________________

قال ابن القيم رحمه الله : " إن الله قد حكم ولا أحسن من حكمه ، إنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم ﴿ ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم وهذا عام ، وخص منهم من يتولاهم ودخل في دينهم بعد التزام الإسلام فإنه لا يقر ولا تقبل منه الجزية بل إما الإسلام أو السيف لأنه مرتد بالنص والإجماع ." (أحكام أهل الذمة:67)
والحكم لهم بالإسلام أي اليهود والنصارى والمشركين عين الولاء فلذلك يكون من تولاهم منهم . قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ﴾ (التوبة :23)
وعن هذه الآيات قال القرطبي : "وهذه الآية (آية 23 : التوبة) باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين .

وقال ابن عباس في قوله ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ﴾ هو مشرك لأن من رضي بالشرك فهو مشرك ." (تفسير القرطبي ج8ص94)
يقول الطبري في قوله تعالى : ﴿ لَا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ﴾ (آل عمران :28) يعني بذلك برئ الله منه وبرئ من الله بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر . " أ. هـ
شبهات و ردود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق